راقب أفكارك..
راقب أفكارك..
الحديث عن الفكر والأفكار حديث ذو شجون. وممّا لا شك فيه أنّ للأفكار قوّة هائلة. بالطبع، قد يرى البعض أنّ هذا الأمر غريب أو سخيف، ولكنه حقيقي. إنّ أوّل مَن تحدّث عن قوّة الأفكار، وكيف تُسيّرنا وتُسافر من رأس الإنسان إلى رأس إنسان آخر، وربما إلى عوالم أخرى، هو العالِم الطبيب والفيلسوف العربي أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن المعروف ب "الشيخ الرئيس ابن سينا" و"أمير الأطباء" كما يلقبه الغرب، فقال إن الإنسان يُعبّر عن سطوة الأفكار بطُرق عديدة، أكثرها شيوعاً أنّه يراها شيطاناً يُوسوس له!! كم نسمع، ومنذ القدم، عبارة مثل "أفكار شيطانية" أو " أفكار جهنمية" و" أفكار جنونية " أو" الوسواس أوحَى لي"، أو" حرّك رأسي".. وحديثاً فإن خبراء تطوير الذات انتبهوا لذلك فقالوا: " راقب أفكارك.. لأنها ستصبح كلمات.. وراقت كلماتك.. لأنها ستصبح أفعال.. راقب أفعالك.. لأنها ستتحول إلى عادات.. راقب عاداتك.. لأنها تكون شخصيتك.. راقب شخصيتك.. لأنها ستحدد مصيرك.".
إذاً راجع أفكارك المطيعة والغاضبة، وما هي الرسالة التي تريد هذه الأفكار أن تُوصلها إليك. فبعض الانقياد قد يكون أساسه فكرة تطيعها، وقد يكون عذابك سببه فكرة لا تريد الانقياد لها. انظُر إلى عذابك وحديث ذاتك، وحاجة الرفض التي أنت فيها، وابحث عن أسبابها.. أفكارنا في أحيان كثيرة قد تخلق لدينا تشويشاً في الأولويات، ونحن في حاجة إلى وقفة جادّة مع رأسنا لنرى ماذا نريد، ماذا يجب أن نفعل، وما هي الأولويات...
فالفكرة هي أشبه ما تكون بالبوصلة التي تدلك على الاتجاه الصحيح لك، تظل ترشدك إلى الطريق طوال حياتك، هي كالميزان الذي تزن وتقدر به كل ما يمر بك لتتخذ القرار الذي يناسبك، لن تعرف صواب قرارتك من خطئها إن لم تكن لديك فكرة ثابتة تتكئ عليها... صحيح قد تتطور فكرتك، بل قد تتخلى عنها قفزاً إلى فكرة أخرى، إلا أنه من المهم أن تظل لديك في النهاية فكرة، فمن دونها سوف تختلط الألوان لديك وتتشابه الطرق.
أفكارك هي التي تنقذك من الهوى ومن التيه، وترسم لك الاتجاهات، وتعينك عند الاختيار عندما تتعدد الاختيارات، بها تكتشف الأفق، وبها تحدد الهدف.. حياتك متصلة بالآخرين، فلست تعيش في جزر منعزلة، الفكرة تضمن لك حياة متجانسة، لا تناقض فيها، لن تأخذ كل يوم قراراً مختلفاً ومتناقضاً عما اتخذته بالأمس، ستكون قراراتك متجانسة متآلفة...فإذا كانت لديك فكرة فستكون مكترثاً، لأنك ستهتم بنصرتها، بتنميتها، بإقناع الآخرين بها، بحمايتها، بضمان سلامتها.
لذا فمن الأسلم أن تراقب أفكارك...